تشير الأبحاث التربوية الى أن التعلم عند الطلبة يرتفع مستواه وتزداد قدرتهم على الفهم والاستيعاب واسترجاع الافكار الاكثر فاعلية حين يشعرون ان ما يتعلمونه له أهميته في حياتهم وبناء مستقبلهم, وله أثره عليهم وعلى مجتمعهم وبخاصة اذا كان يلبي بعضا من اهتماماتهم واحتياجاتهم, ووجدوا المتعة في تناوله سواء أكانت متعة فكرية أم متعة أدبية أم معنوية أم روحية تعمل على صقل الشخص وبناء شخصيته وكيانه ويصبح له أهميته وتقديره في المجتمع من حوله, وكان هذا الوعي منه وعياً ذاتياً ينبع من قناعة داخلية في نفسه, وليس نتيجة اثارة من المعلم او جراء ثنائه عليه.
وقد لاتتوفر الفرصة للمعلم الا بالقليل ليلبي الاحتياجات الفردية لكل طالب وبخاصة اذا كان عدد الطلبة في الصف يتجاوز حد الاعتدال, وقد يجري معهم حوارا ونقاشاً قد لايكون له الاثر القليل في نفوسهم وشحذ هممهم وتفكيرهم اذا فقد معناه وأهميته عندهم وفي هذه الحالة يستمرون في قراءاتهم ومطالعتهم دون استيفاء الأهداف من القراءة وبخاصة الاهداف بعيدة المدى, وعندها يقتصر هدفهم منها على تناولها بشكل آلي وفي حدود الملموس والاحساس بعيداً عن التعمق في التفكير, أو بعد الاستدلال واستقراء الأفكار من بين السطور وماهو خارج عن حدود مجرد النطق بالكلمات.
إن قدرات الطلبة في القراءة وفي أي صف عادي تتسع وتمتد مالم تتغير المواد القرائية وتستبدل بغيرها, فإن معظم الاطفال او نسبة غير قليلة منهم سيضيقون بها ذرعاً, إن جميع الطلبة – وإن كانوا يستطيعون أن يقرأوا وأن يفهموا ماقرأوه – سيبقون في حاجة الى اجراء نقاش وحوار حول ماقرأوه, وادلاء كل منهم برأيه فيما قرأ, وبحماسة واهتمام حتى يصبح الواحد منهم قارئاً حقيقياً وبمعنى الكلمة.
إن تدريس اللغة باعتبارها وحدة واحدة وكلاً متكاملاً يؤدي بعضها الى البعض الآخر أمر له أهميته في الحفاظ على وحدة اللغة وترابط اجزائها معاً, فتجزئة اللغة وتقسيمها يهدف بالدرجة الاولى الى تيسير فهم خصائص اللغة من جوانبها المختلفة ومدى ارتباط كل جزء منها بالاجزاء الاخرى, وعليما أن نمنح الطالب الفرصة ليختار بنفسه الكتاب أو النص الذي يريد قراءته, ويشكل له فكرة عنه, وصورة تبقى ماثلة له في ذهنه ويتعرف على مدى مافيه من خصائص لغوية وأدبية تدعم التراث الادبي وتعمل على تقدمه وتطوره, والقدر الذي يمكن لهذا الكتاب أو النص أن يسهم في إثراء هذا التراث وتقدمه لغة وأدباً وذوقاً واحساساً.
في رياض الاطفال يقرأ المعلم والأطفال معاً قصصاً سهلة ميسورة بصوت عال وبشكل متكرر ليكون في ذلك فرصة لهم لايجاد نوع من التناغم بينهم والتآلف مع مايقرأون من كلمات صوتاً ومعنى واحياناً نغمة ولحناً, ليألفوا فيما بعد الجملة المفيدة باعتبارها اللبنة الاولى في بناء فكرة عامة جزئية او شاملة بدلا من ان يعتادوا على ذلك بالكلمة ومعناها ,وبعد ذلك – وحين تنمو ثروتهم اللغوية ومهاراتها, يتحول الاهتمام الى القراءة الصامتة بشكل منفرد ومستقل, وغالباً مايبدأ ذلك حين يلتحق الطالب بالصف الابتدائي الثاني.
إن الدروس الجماعية عادة ماتوفر الفرصة لتدريس الاصوات والقراءة الآلية, وكذلك مهارات الفهم والاستيعاب من خلال سياق القصة أو النص الذي تمت قراءته وفي مثل هذه الحالة نظرح على الطلبة سؤالاً مثل: ما أول صوت نلفظه في كلمة (مدرسة)؟ وما هو آخر صوت فيها وما الاصوات الاخرى التي نلفظها في الوسط بين الصورتين الاول والاخير؟ كم مقطعاً في كلمة (مدرسة)؟ ما المقطع الاول؟ وما هو المقطع الاخير؟ وما المقاطع الاخرى غيرها؟ ما الحروف التي استعملت في كل مقطع, ما الحروف في آخر هذه الجملة؟ هات سؤالاً تستفهم فيه عن موضوع الدرس في هذه الحصة, ما الذي تعينه كلمة (أنت)؟ وما الذي تعينه كلمة (من) في السؤال, من أنت؟ من هو؟ من هي؟ من هم؟ من أنتم؟ كم طالباً في الصف؟
هات سؤالاً يبدأ بكلمة كم, هات كلمة مثل (قلم) تبدأ بنفس الصوت ونفس الحرف, ضعها في جملة مفيدة , مامعنى هذه الكلمة؟
هات كلمتين من عندك تبدأ كل منهما بالحرف نفسه, وتنتهي كذلك بنفس الحرف,ضع كل كلمة منهما في جملة مفيدة, مامعنى الكلمة الاولى؟ ومامعنى الكلمة الثانية؟
ونحن أحياناً نقضي بعض الوقت الذي نخصصه للتدرب على استعمال اللغة وتوظيفها في القراءة المستقلة, حيث يقرأ كل طالب وحده بشكل مستقل ومنفرد, ومادمنا نعلم اللغة كوحدة متكاملة يردف بعضها بعضاً نصبح عندها بحاجة الى بعض الوقت, بل والمزيد منه ليستوفي الطلبة حقهم في القراة والتعامل معها والتطرق الى اقسام اللغة الاخرى وفنونها, ومع ان هذا الاسلوب الذي يتعلم به الطلبة اللغة لايتيسر لهم في البيت, لذا كان علينا أن نوفر لهم الفرصة الكافية لذلك في المدرسة.
يجد الطلبة متعة اذا وفرنا لهم فرصة اختيار الكتب التي يحبون ان يطلعوا عليها بأنفسهم من مكتبة المدرسة وعلينا – نحن المعلمين في هذه الحالة أن نشجعهم على قراءة كتب يجدون فيها تحدياً لعقولهم وتفكيرهم وقدراتهم اللغوية الاخرى, ولكن دون ان نهبط كاهلهم ونكد عقولهم في ذلك, اواثقال الملل عليهم وهم يناقشون بعضهم بعضاً فيما قرأوه أو حين يحاورون معلمهم في ذلك ويدلون بوجهة نظرهم وآرائهم وفينا ساتحوذ على اهتمامهم واعجابهم وما لم ينل منهم اي اهتمام, ولم يجدوا فيه متعة في نفوسهم أو عقولهم مع بيان الاسباب الداعية لذلك. كما نشجعهم على ان يتبادلوا مامعهم من كتب أو قصص حتى ولو كانت غير مقررة في المنهاج.
ويرى بعض المعلمين من ذوي الخبرة والتجربة ان يعزوا ماقرأه الطلبة من كتب مقررة بأخرى غير مقررة مادامت كلها تتناول الموضوع نفسه, ويقارنون بين ماهو وارد في كتابهم المقرر وماقرأوه عن الموضوع نفسه في كتاب غير مقرر.
ويركز المعلم في هذه الحالة عن طريق مايجري مع الطلبة من حوار ونقاش على مدى فهم الطلبة واستيعابهم لما يقرأون وعلى المهارات اللغوية الاخرى ومن خلال اي نص ادبي آخر يدور حوله نقاش وحوار بالاسلوب نفسه, وللهدف ذاته.
إن أي برنامج يقوم على حدة اللغة وشموليتها, تعتبر الكتابة فيه حجر الزاوية علاوة على اهتمامات الطفل الخاصة فيما يقرأ ويستوعب ومايجلب نظره واهتماماته ويعمل فكره.
وهناك اهتمام خاص بتشجيع الاطفال ومنذ مرحلة ماقبل المدرسة (روضة الاطفال) على ان يتعلموا الكتابة, ويبدأوا بممارستها من خلال تقنيات خاصة تتناسب ومستوى صغار الاطفال ونمو عقولهم وقد تقوم بتدريب الاطفال وبأساليب وطرق متنوعة على تعلم الكلمات الاكثر شيوعاً والاكثر استعمالاً حتى ينخرط الطلبة في التعرف على اسلوب الكتابة وآلياتها, والتعرف على محتوى المادة المقروءة ومضمونها.
المصدر: كتاب دور المطالعة في تنمية التفكير