وثائق يقال انها تخص المفاوضات بين الامريكيين و"المقاومة

مع المقاومة ضد هذا الصنف من "المقاومين" الطائفيين !

قراءة في وثائق يقال انها تخص المفاوضات بين الامريكيين و"المقاومة العراقية"


البديل العراقي / قسم الأخبار
كل مايتعلق بهذه القضية يحيط به الغموض ، ويثير القلق والتكهنات ، ويستجلب الحذر القريب من الشك ، وآخرالفصول المثيره ، لهذا المناخ غير المريح ، تلك التي احاطت بوصول/ ايصال / هذه الوثائق الينا ، فمع ان مثل هذه الخطوة ، لايمكن الا ان تثير لدى اي طرف ، او جهة اعلامية وسياسيه ، احساسا بالتقصد ، تقصد الجهة وتعيينها هي بالذات ، من دون سواها ، وتقصد الاشهاروالابلاغ عن طريقها ، دون سواها . مع هذا ، وبسبب هذا ، وغيره من الاسباب ، قررنا التعامل مع المسالة بروية ، وباقصى قدر من التحفظ ، خاصة وان الجهة التي بعثت بالوثائق المنشورة هنا اليوم ، قد اصرت هي نفسها على زيادة درجة التحفظ والشك ، فلقد تعمدواان يقدموا تلك الوثائق بيد ، ويثيرون حولها الريبه باليد الاخرى ، قالوا : (( انها قد تكون صادرة عن "المقاومة المزوره" ، وهو تعبير مفهوم ، لكننا لم نسمع به من قبل ، ولانظن ان احدا سمع به مستعملا للدلالة على جهة او جماعة بعينها )) .
يترك هذا التصرف على الاقل ، لنا كامل الحق بان نفترض ، بان "الجهة ذات العلاقه" ، مترددة وغير واثقة من ان ماتقوم به ، وماقد اقدمت عليه في الاشهر ، او الاسابيع السابقه ،حين قررت التفاوض مع الاحتلال ، يمكن الدفاع عنه ، او تبريره ، وان تدعيم الاجواء السائدة ، والانباء التي تتردد حول هذه القضيه بالوثائق ،ربما سيلقي بظلاله سلبا ، على الموقف من "المقاومه" ، وعلى مستوى وحجم التاييد الذي تتلقاه عموما ، من الناس ، والقوى التي تناهض الاحتلال ، غير ان هذا لايمنع رغبتها في الاعلان ، سواء لجس النبض ، اوللتمهيد لشيء قادم ، لانها قطعت شوطا ، وغدت متورطة ، ولاتريد او لاتستطيع العودة للوراء .
عموما من هي القوى الضالعه بما هو وارد في الوثائق التي بين ايدينا ؟ هل هي بالفعل اطراف "مزورة" ؟ لنقل افتراضا ، انها من تلك التي تلتقي مع "ايهم السامرائي" ، او سواه ،من اشباهه ، او هي بعض فلول ، تحركها الجماعات الهاربة من المعركة ، من سارقي اموال الشعب ، والذين يدعون في الخارج ، تمثيل البعث والمقاومه . فلقد اشار احد المتابعين ،والمتوجسين من حالة التضارب ، والغموض السائدة حول مسالة "المفاوضات" ، الى مثل هذا الاحتمال ، وفي مقال له نشر يوم امس قال : (( ثمة معضلة اخرى تتمثل في محاولة رموز بعثية في الداخل والخارج ركوب موجة المقاومه ، وتقديم نفسها كبديل مقنع للامريكيين ، بعيدا عن نيران الاصوليين الشيعة والسنه في آن ، مستغلة بالطبع اسماء بعض مجموعات المقاومه ومنها اسماء لم تعد موجوده ، وهي لعبة انتهازيه لاتمت الى القيم والمباديء ولا الى مصالح العراق بصله )) ياسر الزعاتره /الدستور الاردنيه 13- 2 -2006- /مقال بعنوان (العرب السنه وجدل المقاومه والسياسه في العراق ) ، واليوم ايضا ، وفي خطوة تنتمي الى الاجواء نفسها ، وصلتنا رسالة قمنا بنشرها ، جاءت من مجموعة مقاومه تحمل اسم "كتائب ثورة العشرين " ، اعلنت فيها براءتها التامة من حزب البعث . فهل هذا مجرد صدفه ؟ وثمة فرضية اخرى ، يمكن ان توضع بالحسبان ، هي احتمال وجود تيار اخر ، غير هؤلاء واولئك قرر البدء بالمفاوضات .
الاخطر من كل ماسلف ، ان تكون "المقاومة بجسمها الرئيسي هي التي تفاوض الان بالفعل ، ولكن من وراء ستار ، هذه فرضية اخرى ، تخطر بالبال ، وقد يزكيها الطابع السري لعمل المقاومه ، على طول تاريخها المعروف ، لاشيء يمنع وفق هذه النظرية ، ان تكون المقاومه قررت دفع بعض جماعاتها ، او اعضائها ، غير الاساسيين ، نحو حلبة المفاوضات ، حتى تعطي نفسها فرصة للتاكد من نوايا الطرف الاخر ، ولكي تجس النبض ، وتعرف الحدود التي يمكن ان يذهب اليها الاحتلال في تقديم التنازلات ، وايضا ، لكي تؤمن ظهرها امنيا ، غير ان مثل هذه الفرضية تبدو ضعيفه ، لان الطرف الامريكي لن يكون غافلا عنها ، وسوف يكتشف سريعا ، بان من يجلسون معه ، هم مجرد واجهات ، ويبادر انئذ الى خفض سقف المفاوضات والمفاوضين ، ويقلص بنود البحث ، ولايخوض في القضايا الحيويه والحاسمه .
عموما لايعني الاحتمال الاخير"لاشيء" ، انه عتبه من عتبات التفاوض ، لاتصل اليها قوى مسلحة تريد اخراج المحتل من بلادها ، اذا لم تكن قد اصبحت مقتنعه بجدوى التفاوض او انها وجدت نفسها مضطرة له ، ومن يبدا مفاوضات من وراء ستار ، يكون قد وضع بحسبانه ، احتمال الاضطرار في اية لحظه لنزع الستار، والجلوس امام غريمه ، او /عدوه مكشوف الوجه والهويه .
منذ ان تشكلت حكومة الجعفري ، بعد الانتخابات الاولى ، دخل الجهد الامريكي في العراق ، حقبة استكمال العملية السياسيه ، بجلب "السنة " اليها ، ولم يكن من الصعب تلمس درجة الاحباط التي شاعت في المناطق الغربيه من العراق ، بعد ان جرت الانتخابات ، وتشكلت الحكومه ، وفي ذلك المناخ ، تهيأت الفرصة لشخصيات طامحه الى السلطه والبروز، لكي تشيع اجواء من الاعتراض على سياسة المقاطعة ، التي اتبعت وقتها ، متهمة اطرافا معينه ، بانها حرمت ابناء المناطق الغربية من العراق ، من المشاركة ، وافقدتهم فرصة سانحه ومهمه ، لاظهار وزنهم ، ومايستحقونه في المعادلة السياسيه ، عبر صناديق الاقتراع ، ولم يتوقف الامر على تلك الاوساط لوحدها ، فلقد جرى استعمال ادوات متعدده ، لهذا الغرض، وكان واقع المنطقة الغربية ، وضعف التبلور السياسي فيها ، قد فرض اللجوء الى استعمال هذا العدد من القوى والهيئات ، سواء منها تلك التي ظهرت فجاة ، وبدات الحديث باسم المقاومه ، من امثال "ايهم السامرائي" بالاضافة لقوى اقدم ، كانت تبدو اكثر ثقلا وكياسة ، مثل "هيئة علماء المسلمين " وماسمي ب "المؤتمر التاسيسي " ، وهما جهتان مدارتان ، وممولتان عربيا من اوساط خليجيه ، وهيئت لهما كل اسباب البروز الاعلامي ، والسياسي ، والمالي ،على امل ايجاد معادل تمثيلي طائفي لل"سنه" ، بمواجهة غيرهم من الطوائف الاخرى والقوميات ، وكما لعبت قوى طائفية شيعيه ، دورها المعروف في سرقة تمثيل جماهير العراقيين الشيعه ، وجيرتها بقوة حراب المحتل ، لصالح مشروع الغزو والاحتلال ، لعبت "هيئة العلماء المسلمين ، " و"المؤتمر التاسيسي" في ظروف وحيثيات مختلفة ، نفس الدورفي "الساحة السنيه" ، الى ان جاء يومها الموعود ، وحلت لحظة الحصاد الاخير ، في القاهرة ، تحت غطاء الجامعة العربيه ، يومها شرعت "هيئة العلماء " ، دخول السنة في "العملية السياسيه الامريكيه " بوهم وخديعة الانسحاب الامريكي من العراق ، وتحديدا "جدولته " ، ثم غابت ، فلا صوت ، ولااثر اليوم للضاري او الخالصي ، بعد الذي فعلاه ، وقدماه من خدمة لمشروع الاحتلال ، لايضاهيها حتى ماقدمه عبدالعزيز الحكيم ، واياد علاوي ، وموفق الربيعي ، وغيرهم من القائمة المعروفة .
لكن قضية ادخال السنة في "العملية السياسيه الامريكيه" على مايبدو، اعقد من ان تحل على مرحلة واحده ، ومع ان مؤتمر القاهرة ادى المطلوب منه جزئيا ، الا انه لم يكن كافيا ، ويبدو ان ماتحقق على هذا الصعيد ، كان مقدرا ومحسوبا ،من قبل الامريكيين ، فمن دخل الى "العملية السياسيه" ، هم بعض "السياسيين" من المدنيين السنه ، وهؤلاء لايحظون بتاييد "المقاومة المسلحه" ، التي تعتقد بانها هي الاحق بعقد الاتفاقات المتعلقة بالدخول في "العملية السياسيه" ، ومن "الممثل الشرعي والوحيد للشعب العراقي " بدا هؤلاء يطالبون على الاقل ، بحقهم كممثلين وحيدين ل"السنه " ـ ( ثمة نص وارد في الوثائق يشير لهذه المسالة بوضوح ويحذر من سرقة السياسيين لجهود المقاومين وتضحياتهم على مدى ثلاث سنوات ) ، ويمكن ان يقارن هذا الوضع الى حد ما ، في المناطق الجنوبيه ، بالحالة الناشئة بين "تيار الصدر الثاني "و"تنظيم المجلس الاعلي " مع فارق هام ، هو ان المناطق الغربيه لاتملك قيادات تاريخيه ، واهمها اي "هيئة العلماء المسلمين " ، وليدة ، وحديثة العهد ، وتعتبر بالمقاييس السياسيه طارئة ومفبركه ، وهاهي قد تهاوت بعد ان دفعت نحو موقف سياسي قاتل .
العسكريون ام المدنيون ، ليكن من يكون ، فالولايات المتحدة يهمها ان تضمن دخول الطرف السني في المعادلة التي وضعتها ، وهي تفضل بالتاكيد ، من يؤمن لها المزيد من الهدوء ، والاستقرار الامني ، وقد تظل تتمسك بالمدنيين وتبقيهم في السلطه ، وتواصل ضغطها على المقاومه ، الى وقت طويل ، ولحين ان تتاكد من ان من يرفعون السلاح ، قد قرروا التخلي عن سلاحهم نهائيا ، مقابل الاشتراك بالحكم .
ان قراءة الوثائق لاتقول لنا اكثر من ذلك :
ـ قبل الدخول في القضايا المدرجة في عموم الوثائق ، نوجه الانتباه الى ماهي عليه من البدائيه ، وعدم الدقه ، ومن السهل غير ذلك ، اكتشاف غياب الطرف الاخر(الامريكي) ، فنحن لانتعرف عبر النصوص التي بين ايدينا ، على مواقفه ، ويكاد القاريء يعتقد بانه امام رسالة توجيهات ، او مجرد تلخيص للابلاغ لجهة ما ، كاتبها شخص لايتمتع بسوية عالية من الناحية التفاوضية ، كمامن ناحية صياغة وترابط الافكار ، عدا ذلك فان الروية مفقودة في النصوص ، وهو مالايتناسب ودرجة خطورة القضايا الامنية ، وغيرها من القضايا الحساسة التي وضعت الوثائق لمعالجتها ، ثمة قضايا تركت بلا تناول ، ولم تتابع اطلاقا ، من قبيل (اللاءات الامريكيه الثلاث) فقد وضعها كاتب الوثائق ، دون ان يحدد اي موقف او اشارة لموقف اولي منها .
ـ هنالك غياب كلي لاية مطالب او موضوعات وطنيه وتاكيد على المطالب الفئوية والطائفيه .
ـ يلاحظ قبول واضح ب"العملية السياسيه الامريكيه" وتكرار للحديث عن المشاركة في الحكم من قبل المقاومه .
وكل مانقرأه عدا ذلك ، لايعدو كونه ترتيبات ميدانيه ، ومطاليب ثانويه ، من قبيل اطلاق سراح الاسرى ، وترتيبات الهدنه ، والتنسيق الامني والاستخباراتي ، وماالى ذلك ، من شؤون الاستسلام الواضح ، فالهدف والمقصد الرئيسي ، هو الدخول في الحكم ، والحديث المركز عن وزارتي الدفاع والداخليه وعن الحكومه القادمه ، يبدو اقرب الى فرضية تواطؤ جديده يكسبها الامريكيون ، ويضيفونها الى مابحوزتهم.
ـ لامجال طبعا لاي دخول في الحكومه ، الا بجانب اعضاءها الحاليين ، اي اعضاء الاحزاب الكرديه والمجلس الاعلى ، والتيار الصدري ، الذي التحق مؤخرا ب"العملية السياسيه " وليس هنالك اية اشاره ، رفض لموضوع المحاصصة الطائفيه ، وهو مايعني بلا ادنى لبس الموافقة عليها ، كما يعني ايضا ان حصة المقاومه التي يجري التفاوض عليها ستؤخذ من "المدنيين السنه" ، اي من المطلك وعدنان الدليمي ، لا من حصة اي طرف اخر. والاغرب هو الموقف من موضوع الدستور والمطالبة المعلنة بتعديله فالوثائق تقول بان هذا الامر سيؤجل لسنه من دون ان نعرف لماذا وعلى اي اساس .
ـ هذا يعني من دون اي التباس اننا امام ممثلي طائفه ، مليشيا طائفيه ، لامقاومه وطنيه ، واننا عمليا ازاء نقاش يجري داخل سقف مشروع الاحتلال ، يقول احد النصوص في الوثائق المنشورة هنا : (( التوصل الى اتفاق بين الولايات المتحدة والحكومه القادمه التي تكون المقاومه جزءا حيويا منها ، الى انهاء الاحتلال للعراق )). وهنالك نصوص اخرى ، نترك للقراء العودة اليها ، وفحصها ، تؤكد على مسالة استكمال بناء الجيش والقوات المسلحه ، وتعتبر هذا "الاستكمال" شرطا مناسبا قبل خروج الاحتلال ، اي القبول بالحجة الرئسية للمحتلين ،الذين يظلون يرددون بانهم سيركون العراق ، وقت تكتمل عملية بناء قواته الامنية والمسلحه ، وهو ومايناقض الفقرة الوارده بداية حول جدولة الانسحاب او مايفسرها ويوضح المقصود منها فعلا.
هل هذه ياترى مطالب المقاومة العراقيه ؟ اذا كانت الوثائق التي ننشرها صحيحه ، فاننا نكون امام جماعة لاتستحق ان تعامل سوى كقوة طائفيه ، "مليشيا" ، وانها تستحق بالفعل ماكان يردده اعداءها بحقها ، من انها قوة باحثة عن السلطة ، وعن موقع في التركيبه الجديده ، صحيح انها اضرت بمشروع الاحتلال ، وقاتلته بقوه ، ولكن الاشياء لايحكم عليها بيومياتها المعزولة ، ولاتستحق هذه الظاهرة ، صفة "المقاومه الوطنيه" ، الا اذا تطابق ماتقوم به ، مع الاهداف الوطنيه للشعب العراقي ، فهل مانراه ومايجري التفاوض عليه ، يتطابق مع الاهداف الوطنيه ، ام هو تعبير عن نزعات ومصالح طائفيه وفئوية وشخصيه ؟ ان بعض هؤلاء ، يعتقدون ان القتال وحمل السلاح بحد ذاته ، يمكن ان يخلق "مقاومة وطنيه " ، وبعضهم يذهب ابعد ، ويظن بان قتاله فريد ، ولايفكر به احد سواه ، وان الامريكيين يخافون منه هو بالذات وتحديدا، ولهذا فهم سوف يسلمون له الامور ، حتى لايضطرون الى الانسحاب تحت ضرباته ، وهو مايعني ان الامريكيين يمكن ان يتخلوا عن حلفائهم الحاليين ، او يمكنهم ازاحتهم من الطريق وقتما يشاءون ، وهذه فكرة خرقاء كليا ، ف"المجلس الاعلى" ، ومعه ايران ، يمكن ان يقاتلا الامريكيين ، اذا تعرضت مواقعهما ، او مصالحهما الطائفية والاقليميه للخطر ، وهم يمكنهم ان يهددوا الوجود الامريكي في العراق ، بقوة ، وقد يضطروا الولايات المتحده للرضوخ لمطابهم ، جزئيا او كليا ، لن يقاتل هؤلاء ، اذا كان المطروح هو المصالح الوطنيه ، كما هو حالهم المعروف حتى اليوم ، اما اذا تعرضت مصالحهم الطائفية او الاقليميه لاحتمال الضياع ، فانهم سيقاتلون بشراسة ، كما قاتل هؤلاء ، الذين يتفاوضون اليوم للدخول في الحكومه ، وكي يصبحوا "جزءا حيويا منها" .
ووقتها لن يتغير الشيء الكثير، وسيظل الموقف المطلوب من جماعة "المجلس الاعلى " ، حتى وقتها ، هو ذاته ، اي الوقوف (( مع المقاومة وضد هذا الصنف من المقاومين )) ...مع الاسلوب الجديد ، الذي يعتمده هؤلاء واضطروا الى استخدامه ، وضد وجهته النهائية ومآله ، هذا هو قدر الوطنيين العراقيين ، والحركة الوطنيه التي تتبلور وتنمو في احشاء اللحظة الراهنه ، ومايزال غيابها ، يعطي هؤلاء واولئك صفات لايستحقونها وليست لهم ..... لاوجود لمقاومة وطنيه من دون رؤية وطنيه شامله ، ولاقيمة للسلاح بذاته مهما فعل ، لانه سيظل محكوما بماهو دون المطامح الوطنيه .
عموما ومن حيث الوقائع الحاليه ، فان هذه القوى تواجه اليوم مازقا ، وثمة خشية ، يجب ان تراودنا من حصول ماهو اسوا ، كأن تدخل المناطق الغربية من العراق ، دوامة عنف تبدو نذرها غير بعيده ، والظاهر انه لامهرب من حدوث تصادم اكيد مع تيار التكفيريين ، من جهه ، ومع المتصدين من "السياسيين " لتمثيل السنه ،من جهة اخرى ، مع ان هؤلاء الاخيرين اضعف ، واصبحوا يعلمون تماما حدود ماهو متاح لهم ، في التركيب السياسي "الطائفي " الجاري ارساؤه من هنا فصاعدا ، ولهذا وافقوا قبل غيرهم على الدخول في "العملية السياسيه الامريكيه " وذهبوا الى حد القبول بحظهم ، وحظ من يمثلون كما يقسمه لهم صندوق الاقتراع ، ويبدو انهم صدقوا ، او ارادوا ان يصدقوا كذبة "ال 40 % " وحين لم تتحقق ، هددوا بالحرب الاهليه ، وبجريان الدم .
ثمة مازق ، يخيم اليوم على المناطق الغربيه من العراق ، والحرب بين حاملي السلاح ، تترافق دائما مع اقتراب ساعة اقتسام الحصص ، فمن يطلب كل شيء او لاشيء كما هو حال الزرقاوي ، افترقت به السبل مع من قبل بان يكون جزءا حيويا من الحكومه القادمه ، وسيصطدمان ...
انها لعبة يديرها الامريكيون ، فاين هي المقاومة الوطنيه العراقيه ؟ لاشك انها ماتزال في رحم المستقبل ، ومع اكتمال النصاب ، وحضور كل اعضاء هيئة تقاسم الغنيمه ، من ممثلي الطوائف ومليشياتها ، وبدء التقاسم المشين للسلطة ، سيجد هؤلاء جبالا من الاسئلة ، والمشكلات ، تحيط بهم من خلفهم ومن بين ايديهم ، وسيجد العراقيون انفسهم ، امام خيار وحيد ، الاصطفاف كمواطنين موحدين لديهم اهداف وتطلعات تاريخيه ، تتساوى وحجم تجربتهم ، الطويلة القاسيه ، والكارثية ، ومكانتهم التي يستحقونها ويستحقها بلدهم ، في المنطقة وبين امم العالم .
يستعجل البعض من الجهلة ، او اصحاب الرؤية القاصره والاغراض الصغيره ، ويظنون ان التاريخ طوع ارادتهم ، بينما التاريخ يقول قولته ويفرض قانونه ، العراق اليوم بلا حركة وطنيه تتطابق بنية ورؤية ، مع موجبات اللحظة والضروره ، والى ان تلوح بوادر تلك الحركة ، وافكارها في الافق ، ستمرقوافل وقوافل من الاوهام ، وتتكسر رايات السراب فوق بعضها ، تاركة للعين الفاحصة دروسا ، وللقلوب الحية املا ، حين ياتي ، لن تخطئة العين ، وسيراه العميان قبل المبصرين .