المرصد المأموني في بيت الحكمة

المزصد الماموني في بيت الحكمه

كان المامون مهتما بعلم الفلك فازدهرت المدارس الفلكيه ببغداد والشام والقاهره والاندلس .فقد كان لها اثر كبير في نقل العلم الفلك الذي كان عند الكلدانين واليونان الى العربيه وبناء المراصد الفلكيه على ازدهارها . وان المامون جمع علماء عصره وطلب منهم بناء مرصد فلكيا وجعله بجانب بيت الحكمه فاضاف اليه مكانه علميه وشهره عالميه بين بيوت الحكمه التي انشات فيما بعد على غرار بيت الحكمه البغدادي .[1]

ومن الفلكين الذين اشتهروا في المرصد الماموني في الشماسيه شمال بغداد اليهودي الذي اسلم على يد المامون (سند بن علي )الذي جعله المامون ممتحنا للارصاد ولمواقع الكوكب وله زيج مشهور ظل معمولا به الى القرن السابع الهجري وكان معه (العباس بن سعيد الجوهري )والجوهري هو علي بن اسماعيل علم الدين البغدادي )

واولاد بنو موسى "احمد ومحمود وحسين" الذين اثبتوا في بيت الحكمه فبرعوا في علوم الفلك والرياضيا ت وغيرها [2] ويعتبر عصر المامون هوالزمن الذي بلغ فيه بيت الحكمه ذروته وازدهاره واشتهاره في العالم الاسلامي والغربي ويعتبر عصره ازهر فتره في تاريخ النهضه العربيه والاسلاميه لان المامون نفسه كان عالما واختار اصحابه ورجاله من الصفوة والافذاذ في الشرق والغرب وكان بلاطه يموج بجمهره عظيمه من رجال العلم والادب الاطبا ءوالفلاسفه الذين استدعاهم المامون من جميع العالم المتمدن وشملهم برعايته واغدق عليهم الاموال مع اختلاف مشاربهم وجنسياتهم [3]

المأمون والجغرافيه

لقد طلب المأمون من العلماء الجغرافيين ان يضعوا له خارطه للعالم وسموها الصورة المأمونيه . وما نقدمها من دراسات جفرافيه على عهد بطليموس وغيره من جغرافي اليونان كما وضع له سبعون عالما من الفلاسفه العراق كتابا في الجغرافيه وقد اعان هذا الكتاب التعرف على بلاد الامم التي كانت خاضعه للدوله العباسيه وقاموا بمسح الارض وكانت الصورة المأمونيه اول خارطه للعالم في العهد العباسي [4]

افنصرف العلماء الربانيون عن التااليف والنشر ولم يبق في بيت الحكمه الا العلماء المنشغلين بالحكمه والفلسفه وكان كثير منهم من غير المسلمين او من المسلمين المتدينيين او من الشعوبين الذين كرهوا العرب والفوا في مثالب العرب ونالوا من الصحابه وغيرهم ومع كل هذه العزوف من العلماء الربانيون فانه ظل يقاوم الى ان غزا المغول بغداد(656هـ ـ1258م)فعبث المغول في بيت الحكمه العامه فاحرقوا جانبا منها وطرحوا جانبا في النهر وقيل عمل من هذه الكتب اسطبلات للخيول عوضا عن الطين فضاعت تلك الكتب التي بذل العلماء جهودهم فيها وبذل الخلفاء العباسيون الاموال الطائله من اجل جلبها الى هذا الصرح العلمي . لقد حفظ هذا البيت كثيرا من تراث العالم المتحضر لكنها راحت ادراج الرياح تحت اقدام الغزاة اعداء العروبه والاسلام اما المكتبات في المساجد والمدارس لم تصل اليها يد العابثين لان الدراسه استؤنفت بعد الغزو المغولي كخزانه الكتب في المستنصريه والنظاميه والبشريه بمدرسه ابي حنيفه النعمان ولكن التدمير شمل كل شيء ببغداد في عهد تيمورلنك الذي خرب بغداد مرتين سنه( 795هـ /1392م وسبه 803هـ /1400م) اي بعد هولاكو بقرن ونصف ويذكر ناجي معروف ان ابن عتبه المتوفى 847هـ /1424م كان في المستنصريه قد اودع خزانه المستنصريه ثمانين الف مجلد ولم يبق منها شيء [5]

ميزانيه بيت الحكمه

بما ان بيت الحكمه اصبح مؤسسه حكوميه تشرف عليها الخلافه منذ زمن هارون الرشيد ومن بعده حتى زمن المتوكل فلابد من جعل موارد ثابته لهذا البيت فخصصوا له ميزانيه يصرف منها رواتب العاملين والمترجمين والمؤلفين والوراقين وناسخين ومجلدين وغيرهم مع توفير اسباب المسكن والماكل والمشرب وشراء الكتب وادات الكتابه من اوراق واقلام واحبار مما يحتاجها العاملون والطلبه والدارسون ولم تكن هذه تقدم للعاملين فقط بل للعلماء والباحثين والمؤلفين والقراء كما مر بنا قبل قليل مع امام النحو الفراء كيف توفر له المأمون كل شيء وكانت مساهمات الخلفاء والوزراء والاعيان وذوي اليسار كبيره على هذه المكتبات[6]

اول سطوع نجمم بيت الحكمه

لقد وصلت شهرة ومكانه بيت الحكمه الى الذروه في زمن المأمون ولكن محنة خلق القران التي انتشرت في خلافه المامون فقد مزقت اللصف الاسلامي واصاب العلماء ما اابهم من اذى فقد كان على راسهم الامام احمد بن حنبل رحمه الله فقد اوذي في الله وصبر وذكر المؤرخون ان بيت الحكمه اهمل بعد المتوكل (232هـ /247هـ) (847ـ861م)بسبب الفتن والحروب التي قامت بين المستعين (248ـ252هـ) والمعتز (252ـ255هـ) هذه الفتن كان لها الاثر الكبير في اهمال بيت الحكمه وسبب اخر هونقل الخلافه من بغداد الى سامراء [7]

اثر بيت الحكمه على الثقافه العربيه وتراث الامم الاخرى

نحن نعلم ان بيت الحكمه احتضن علوم ومعارف الفرس والهنود واليونانيين والرومان والسريانيين وغيرهم فقام المترجمون بترجمه هذه الكتب العقليه من الطب والفلسفه وغيرها ونتيجه لذلك تتلاقح الافكار وبذلك كان من نتائجه تطور الثقافه عند المسلمين ولم تحصر على العلوم النقليه بل برعوا في جميع العلوم والمعارف العلميه وقد احتضن المسلمون العلوم الاجنبيه الى حفظ ذلك التراث ونقله الى الاجيال القادمه وبعد ضياع هذه المصادر فقد كان بيت الحكمه وغيره من البلاد المسلمين لقد احتفظ لتلك الامم بتراثها بعد ترجمتها الى اللغه العربيه احتفظت هذه المكتبات بالاصول بالغاتها المختلفه اليونانيه والفارسيه والهنديه والقبطيه والاراميه وبذلك كان عدد المترجمين كبي لنقل من هذه اللغات الى العربيه . اول الكتب التي ترجمت الى العربيه الكتب الفارسيه والهنديه لان في زمن هارون الرشيد كان يحيى بن خالد البرمكي هو الذي يشرف على شؤون الدوله بوجه عام وعلى الثقافه بوحه خاص ويحيى فارس الاصل والثقافه فجلب الى بيت الحكمه مجموعه من الكتب الفارسيه والهنديه ثم ترجمت الكتب اليونانيه في زمن الرشيد والمأمون حتى عصر المتوكل وكان بيت الحكمه

مكتبه عامه ذات شأن في العالم الاسلامي بل كان اول جامعه اسلاميه اجتمع فيها العلماء والباحثون ووفد اليها الطلاب ونهلوا من مختلف العلوم والمعارف كعلوم الطب والفلسفه والحكمه وغيرها وقد كان في هذا البيت نموذجا من الخط الحميري والحبشي موجودا في خزائن بيت الحكمه وكذلك اقام الاغالبه في رفاده بيت مشابها لبيت الحكمه ثم من بعدهم الفاطميون في مصر وكذلك الاندلس لقد كان الاساس لتلك البيوت والخزانات في العالم الاسلامي [8]

[1] ياقوت الحموي (معجم الادباء ،ج5/ص459وج6/ص117

[2] معروف،تاريخ الحضارة العربيه ص448

[3] المسعودي :ابو الحسن علي بن الحسين بن علي (346÷ /957م)مروج الذهب ومعادن الجوهر( القاهره .1368/1949م)2/283

[4] جوادوسوسه،دليل خارطه بغداد المفصل .ص129 ـ134

[5] معروف د.ناجي تاريخ الحضاره العربيه بغداد مكتبه سعد .ص

[6] معروف تاريخ الحضاره العربيه ص443

53احمد شبلي التربيه الاسلاميهص

[8] ابن النديم ،الفهرست ،ص 382

» بيت الحكمة في زمن المامون
» مقدمة عن بيت الحكمة
» مقدمة بحث عن بيت الحكمة
» مصادر بحث بيت الحكمة
» الخاتمة لبحث بيت الحكمة